الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية تونس: هـل أصبحـت أصـوات ناخبين تشترى مثل الأحذية والخرفان؟

نشر في  15 أكتوبر 2014  (11:22)

بقلم المنصف بن مراد

في انتظار الانتخابات التشريعيّة المقبلة فإنّ أغلب الديمقراطيين مندهشون من بعض الأحداث التي جدّت في الآونة الأخيرة وباتوا يخشون تفاقم العنف من قبل المتشدّدين ولا قدر الله عمليّات ارهابيّة.. 

فبعد أن وقع اختيار نظام القوائم الذي خدم في السابق حزب النهضة، في حين كان من المفروض اختيار نظام يجمع بين نظام القوائم ونظام تنافس الأفراد، ها إنّ تونس تمرّ اليوم بوضع انتخابي ليس له مثيل.. فقد تمّ تسجيل عمليات تزوير فاضح في عدد من التزكيات وسُرقت قواعد بيانات من بعض المؤسسات بهدف استعمال أسماء مواطنين ومواطنات في قائمات التزكية دون علم منهم بالأمر، كما رفضت أحزاب الترويكا الاعتراف بأخطائها وهي التي دمّرت البلاد على جميع الأصعدة وخاصّة منها الأمني والاقتصادي والبيئي..

لقد دأبت هذه الأحزاب في تصريحاتها وخطبها على سرد نجاحات وهميّة والتحدّث عن التعايش في حين كانت خطبها داخل المجلس التأسيسي وخارجه في منتهى التشدّد.. وها هم يريدون أن يظهروا في صورة الأحزاب الوسطيّة في حين أنّهم ليسوا كذلك ويفتقرون للتجربة وخاصّة الكفاءة وقد تصرّفوا على أنّ تونس غنيمة فمنحوا المناصب للأصدقاء والمنتمين لأحزابهم.. إنّ الصّورة الجديدة التي تحاول أحزاب الترويكا من نهضة وتكتّل ومؤتمر تسويقها تتضارب تماما مع ممارسات هذه الأحزاب التي فشلت كليا في تسيير البلاد (العنف، الارهاب، اشتعال الأسعار، الفساد المطلق، المحسوبيّة، الغنائم، الأوساخ والأمراض، إقصاء النّخب والمثقّفين والنساء والشباب..)..

ومهما كان ضعف الذاكرة، فإنّ أغلب النّاخبين لن ينخدعوا بمعسول الكلام واعتدال خطب هذه الأحزاب ولن ينسوا أبدا تشدّدها وفشلها، ولو أنّ هناك مواقف استثنائيّة لا يمكن إنكارها كشجاعة مصطفى بن جعفر عندما رفض الرّضوخ للنواب المتشدّدين..

وعلاوة على محاولة تسويق صورة جديدة وجيّدة عن أحزاب الترويكا، فقد استمعنا لعدّة تصريحات تتعلّق باستعمال المال القذر والأجنبي حتى أصبحنا نشكّ في نزاهة الانتخابات التي تبدو مصيريّة خاصّة بالنسبة لأحزاب الترويكا، علما أنّ حزبا من هذا الثالوث تحالف مع لجان «حماية» الثورة في حين انّ الالتجاء الى العنف بدأ يبرز.. ومع الظروف التي تمرّ بها بلادنا، يبدو أنّ استعمال المال المحلي والخارجي بدأ يتأكّد فقد باتت الأصوات تُشترى في بعض الحالات كما تشترى الأحذية والخرفان.. فبأيّ نزاهة يتشدّقون والمال يتدفّق وضغوطات بعض السفارات الأجنبيّة واضحة لاغبار عليها؟ وفي ظلّ كلّ هذا، يمكن الجزم بأنّ الشعب التونسي مرّ من نظام انتخابي تجمّعي الى نظام انتخاب يتحكّم فيه المال! فبعد شراء ذمم بعض نواب المجلس التأسيسي أصبحنا نسمع عن عمليات لمحاولة شراء أصوات جزء من الشعب.

إضافة الى كلّ هذا، نستمع من حين لآخر لتصريحات متشدّدة ومتطرّفة يتوعّد فيها أصحابها بالنّزول بأنصارهم إلى الشارع إذا نجح «أزلام النظام السابق» على غرار تصريحات رياض الشعيبي المنسلخ من حركة النهضة والذي أعلن أنّه سيساند المنصف المرزوقي! ما هذا ؟ هل يريدون حربا أهلية بتهديدهم لمعارضيهم؟ علما أنّه ليس للديمقراطيين عصيّ وأسلحة مخفية وخلايا نائمة للتصدّي للأحزاب الدّينية. لقد باتت تونس مثل الفريسة التي تترصّدها حيوانات شرسة تمثّل خطرا على وسطيتها ونموّها واستقرارها وأمنها.. فإمّا يفرضون نظاما دينيا ويتطلّعون الى إرساء جمهورية المشانق والانتقام وإمّا سيحرقون البلاد.

ورغم كل هذه العوائق فانّي أجدّد دعوتي الى التصويت لفائدة الأحزاب الديمقراطيّة التي لها أنصارها، على غرار الاتحاد من أجل تونس والمسار والجبهة الشعبيّة والحزب الجمهوري وآفاق والتحالف الديمقراطي وخاصّة نداء تونس الذي له حظوظ وافرة للفوز على النهضة، مع الإشارة الى أنّ الحزب المنتصر في الانتخابات التشريعيّة سيعين رئيس الحكومة الذي سيحدّد سياسة البلاد، ولن أذيع سرّا إذا قلت انّ التصويت لفائدة المستقلين سيساهم في هزم الأحزاب الديمقراطيّة! انّ النظام الانتخابي حبك لفائدة النهضة التي لم تتوقّع منافسة من اي حزب لها لكن بروز «نداء تونس» غيّر التوازنات وفرض نظاما انتخابيا يتنافس فيه حزبان اثنان.. واليوم على النّاخبين التونسيين ان يساندوا الأحزاب الديمقراطيّة التي تمتلك الخبراء والكفاءات ولم تتورّط في قضايا فساد في السابق..

وفي سياق آخر، اتّصل بي قارئ كريم من حزب النهضة من مدينة تطاوين يدعى عبد المجيد ولامني بكلّ لطف على رفضي لحكومة نهضوية وذكرني بمواقفي الشّجاعة في عهد الرئيس بن علي في حين كان الصمت والخوف مخيّمين! وقد أكدت له انّي لا أعادي حركة النهضة وأحترم كل مناضليها ولا أتمنّى لهم اي سوء أو شرّ لكني أختلف تماما مع هذا الحزب لأني أرفض توظيف الدين في السياسة كما برهن هذا الحزب على عجزه وانعدام كفاءته في تصريف شؤون البلاد، كما أنّ له مشروعا دينيّا خفيّا كبرنامج مستقبلي..
وقد انتهت المكالمة الهاتفية في جوّ ودّي، بما أنّ في الاختلاف رحمة، ويا حبّذا لو تواصل الحوار بين أبناء هذه البلاد لفائدة تونس وحدها دون سواها، ودون الزجّ بالدّين في السياسة!